كيف ساهمت الأفلام الإباحية والدعايات بنشر وترسيخ صورة موحدة لكل تفصيل لجسد المرأة؟

أمسك المرآة المكبرة أمام جسدي العاري قبيل الذهاب للاستحمام ممررة إياها على كل تفاصيل جسدي. ابتداءًا بقدميّ، أتحسس جفاف كعبي، اختلاف لون بشرتي. أرفعها لساقيّ، ركبتيّ. أحدق في المرآة، أركزها على ساقي اليمنى. أحدق في ساقي. في العلامات الغائرة؛ السيلولايت، في الشروخ والتجعدات الصغيرة التي تملء فخذيّ، في مؤخرتي، أفكر في مؤخرتي، أفكر في لون مؤخرتي. أفتح ساقي، أنظر لفرجي، أُقرّب المرآة لبظري، أتأمل شفرتي الخارجيتان ألمسها بإصبعيّ مباعدة إياها للنظر للداخل. أنظر للداخل. أمرر أصابعي على الشعر الذي يكسو مهبلي. أسحب الشعر لقياس طوله مقارنةً بطول أصابعي. أُكمل مسيرة الاكتشاف متّبعةً خط الشعر الرابط بين فرجي وبطني. وبر. الكثير من الوبر. شعر. شعر تحت الجلد. أفكر بوجبتي الأخيرة وانتفاخ بطني. أميل إلى اليسار، أميل إلى اليمين. أمسك بطني بشدّة متظاهرة بقصّ الزوائد.

أقرّب المرآة من ثدييّ، من الشعرات المحيطة بحلمتيّ. أنظر للون حلمتيّ. لحجم ثدييّ. ألمس الشعرات. ألعق إصبعي ثم ألمس الشعرات محاولةً لصقها على صدري. لا أفهم سبب تطايرها. يزعجني سمكها. أتتبع الخطوط وأصل لرقبتي. رقبتي مليئة بالخطوط. أتبع الشعرات المتناثرة على رقبتي. أتبعها لذقني. أتحسس الخطوط. أتحسس التجاعيد. أفكر بعمر تجاعيدي. ببشرتي الجافة. أحرك المرآة وأحرك وجهي بشكل دائري. عكس عقارب الساعة. مع عقارب الساعة. أدقق في جميع التفاصيل. أشعر بالاشمئزاز. منابت شعري، ملمس شعري، كثافته، حجم جبهتي.

لم أتعود أن أتأمل جسدي وتقاطيع وجهي دون التفكير بكل هذي التفاصيل، ودون الرغبة بنزع طبقة العيوب التي تغلّفني منذ صغري. لم أتعود أن أتقبلني. أنظر لنفسي في المرآة، أفكر بكلام عمتي، بتعليقها على حجم وركي. أفكر بوركي، بمقاس بنطالي. لم أتعود أن أحب مظهري. هوسي بكل هذه الأخطاء كلفني الكثير، الكثير من الوقت، من المشاعر السلبية التي انعكست على اختيار ملابسي. على ثقل ثقتي بنفسي. أفكر بالميزان.

أمضيت ساعات أمام المرآة مقارنة جسدي وما ينقصه بنساء أخريات، بالنساء اللاتي اجتحن أغلفة المجلات وشاشات التلفاز. المرأة المثالية. من هي المرأة المثالية وكيف تؤثر هذه الصورة الموحدة على حب النساء لذواتهن؟

حاجبان كثيفان. حاجبان رفيعان. حاجب حاد. حاجب مقوّس. شعر يعلو الشفتان. خطوط حول الشفتان. شعرتان عنيدتان على الذقن. خطوط في وسط الجبهة. شعر الإبط. شعر الساق. شعر البظر. جلسات الليزر الشهرية. حمية. إفراط. حمية، ثم إفراط. حبوب الشباب. كريمات للتقليص. كريمات للتنعيم. كريمات للتفتيح. كريمات للتقشير. كعب للتطويل. مرآة مكبرة. إضاءة بيضاء. صبغة للشعر. قناع. قناع وهمي.

لم نعتد كنساء عربيات على الخصوص أن نرى أنفسنا بشكل طبيعي. تعليقات العائلة على تذبذب أوزاننا يكاد يكون أول موضوع نستقبل به حيال دخولنا إلى المجلس. سلسلة من الانتقادات تنهل علينا كشعور الدخول لجهاز تصوير مقطعي يرصد تغييرات أجسادنا عبر السنوات.

بمن نُقارن نحن؟ بذوات الشعر الأشقر والبشرة الفاتحة الناعمة التي لا يشوبها شائب؟ بعارضات الأزياء اللاتي يعانين من اضطرابات في الأكل؟ بأسطورة المرأة المثالية.

أتخيل لو أن العالم وُجد بلا ألوان. لو أن كل ما نراه خُلق أحادي النغم. أبيض وأسود. أسود وأبيض. كيف لنا أن نرى اختلافاتنا بإيجابية؟ كيف لنا مسح هذه العدسة والنظر لأنفسنا بدون مقارنات؟ بلا معايير؟ بكافة أحجامنا، ألواننا واختلافاتها كنسيج يميزنا كأفراد؟